7 يونيو 2017

للأمان رائحة تشبه كيكة الفانيلا

البقع الصغيرة من الحزن التي قد يكون مبعثها الوحدة والتي يقطعها تتر صغير لشريط الذكريات، يشبه مقطع صغير لبضع دقائق من فيلم، لكنه ليس فيلما، بل هو حبا، هو وله من نوع خاص، ذلك الذي يشبه أربع بيضات يضاف عليهن ملعقتين من السمن واثنان أو ثلاثة أكياس صغيرة من الفانيليا، ثم كوب ونص لبن، وكوب ونصف سكر، مع التغيير في كل مرة، ووضع خطة جديدة، لإضافة أو تقليل شيء من هذه الأشياء، ويختلط هذا كله في الخلاط مع بعضه بسرعة وقفز متوالي لبعض قطع الخوخ أو الموز أحيانًا، متشابكة مع يديه التي تأتي لتتلمس برهافة فراشة وسطي، وفمه يطبع قبلة تشبه زقزقة عصفور فوق رقبتي، ثم يذهب لغرفته ويتركني أقلب في الطبق الكبير ثلاثة أكواب من الدقيق مرشوش عليهم كيس بيكينج بودر، ثم رشة ملح، وذلك بالملعقة الخشب الكبيرة، لماذا تزغرد عينيه حينما أحمل له كوب المانجو المعشق بقطع الثلج الصغيرة التي يفرمها الخلاط ويحول كبيرها إلى هشم تتحول في الفم مع امتزاجها بقضمة كيك إلى معزوفة جميلة تشعرني بالرغبة في البكاء، وهو أيضًا يعرف أني أحب صنع بسبوسة بيدي فيخرج عندما نتشاجر حول موضوع يخص غيرة النساء أو بعض المشاكل البسيطة التي تغضبني كثيرًا وأتحول لشجرة ضخمة تهب فيها الريح فتحولها إلى مارد ضخم يصول ويجول ويحطم الأشياء، فيعود هو من الخارج بعد تناول فنجان قهوة على المقهى بكيس به اثنان من علب الزبادي وكيس بسبوسة وكيس فانيلا لأن هذا ببساطة ما قرأه على كيس البسبوسة من الخارج، لن اهدأ مع ذلك وسأظل أنفث غضبًا كرياح لا يهدها تغير موجة الطقس، في فصل من الفصول، لكني وأنا أقوم بمزج مكونات البسبوسة المنزلية بصنعة يدي، وابتسامة ذكرياتي، فهي تنضج على مهلها وأضحك أنا في سري، أحاول بقدر الإمكان إخفاء الضحكة عنك وفرد الوجه الغاضب لأني لا استطيع التراجع وإخبارك أن فكرة الصلح باستخدام البسبوسة هي بالفعل عبقرية، وأن التفكير المتواصل على المقهى وأثناء تناول فنجان القهوة قد أتى بنتائج مذهلة، وليس علي سوى أن أبكي لأنك مسكين جدًا، جئت فقط إلى الغرفة كي تطمئن، هل هدأت حدة انفعالاتي التي لا تفهم لها سببًا أم لا، وإذا ما وجدت لمحة بسمة عابرة، أو في طريقها للعبور، تهدأ قليلا وتبتسم وتعود بعيدًا عني كي تفكر في حل آخر، بينما ينبض قلبي بسرعة، أشعر بالذنب وبأني كنت قاسية، ولأن الكيك قد نضج وعبق البيت بخليط من مكوناته أعرفها وتشعرني بالأمان، طعمها مضحك والضحك بصوت عالٍ يشبه كوب لبن لذيذ مع قطعة منها، يكتمل الأمر إذا ما حدثتني عما فعلت اليوم بعد أن تعود من الخارج، سوف يفعل قلبي أشياء لا أعرف كيف أصفها، لكنها تشبه ملامحك حينما تكون نائمًا بجواري، مستسلم تمامًا ليدي وهي تمر برفق وهوادة على يدك أو رأسك، وقد يكون الأمر لا يعدو مجرد رغبة في قطعة أخرى أتسحب من جوارك وأذهب إلى المطبخ لأخذ هذه القطعة وأقسمها لنصفين، نصف لك، ونصف لي، وبجوارهما كوبين من اللبن أو العصير لإفطار الصباح، إفطار الصباح الممزوج بالكيكة واللبن هو اختصار بسيط يمكنك أن تصف به معنى كلمة حب.
شيماء عبد الناصر 

الصورة:للفنان التشكيلي محمد الجنوبي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق