12 نوفمبر 2011

هيا بنا نتطرَّف

مصر بها جماعات إسلامية كثيرة منها الجماعة التي أسموها"الإخوان المسلمون"،هذه الجماعة كانت تدعي ب"المحظورة"علي عهد النظام البائد،لكني كنت أجلس أيام الجامعة في انتظار الدكتور ويدخل علينا أحد"الإخوة"من الجماعة يعظ فينا بما حفظه من شعارات لم أدخل لقلبه حتي أعلم إذا كان صادقًا فيها أم لا؟ولكني أعلم أني كنت بانتظار الدكتور،ومن حقي أن أنتظره في هدوء كي أقرأ وأراجع ما بدا لي من المادة،أو حتي أن أعطل عقلي قليلا ريثما يأتي كي أبدأ المحاضرة،وأنا نشيطة،لم يدخل عقلي شعارات رنانة،لا يعرف مدي صدقها سوي الله،هاجمت الإخوان كثيرًا منذ أن ظهروا علي الساحة بعد الثورة وعلا صوتهم أكثر،وقبل الثورة كنت أكتفي بأن أخرج من قاعة الدرس حتي لا أسمع الفتي الشيخ،إشارة مني لعدم موافقتي علي عظته،التي لم أطلبها،فالواحد منا يذهب للعظة عندما يشتاق إليها،ولا تهبط عليه هكذا كالقضاء المستعجل،ما أذكره عن السيد"الأخ"وكان الإخوة علي كثرتهم،يرددون نفس الكلمات والشعارات التي تدعو لنصرة الدين،هل قرر الدين أن يدخل معركة كي نهبَّ لنصرته؟،وهل الدين"كدين"ينتظر منا أن نهب لنصرته عندما يدخل معركة؟،وأي دين هذا الذي تحاك ضده مؤامرات لتقويض بنيانه؟،هل الدين هو القرآن الذي تكفل الله جل وعلا بحفظه؟وهل رفع الله يده من حفظ القرآن فقرر الإخوة أن يؤدوا مهمة الله في الحفظ نيابة عنه؟سيرد عليّ البعض بأنهم أيد الله وأن الله يهدي بهم ومن خلالهم؟سأرد عليهم بأن يخرجوا تلك الوثيقة التي مضي عليها الله وأقر لهم بالإسم فلان وفلان،كي يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر؟أم أن الدين هو السنة والفقه وغيرها؟وهل نهب لنصرتها بالمظاهرات أم نعمل بها؟وهل إذا كان المقصود أن نعمل بها،كيف يدعو الأخ إلي العمل بها،وهو لم يراع حق الآخر في الاختيار ويأتي فارضًا نفسه علينا،يعظ وينذر،ولم نسمح له بذلك؟هل أخذ رأينا حينما قرر اقتحام القاعة وترك زميل له من الجماعة خارجها حتي ينذره إذا ما جاء الدكتور،أشبه كليهما بالحرامية،فواحد يقوم بالسرقة والآخر"يحمي ظهره".

أما عن الكنيسة فلا أعلم عنها شيئًا سوي منذ شهور عندما استمعت في نادي الأدب إلي زميل يكتب رواية يتحدث فيها عما خلف الكاميرا في الكنيسة،عن ذلك العالم المثير الغامض بالنسبة لي بالطبع كمسلمة،طالما راودني سؤال عن الكنيسة كعالم مخفي وبعيد،أو علي الأقل ممنوع-والممنوع مرغوب-عندما سرد الزميل أجزاء روايته وجدت إثارة أكثر في تلك الدولة التي بداخل الدولة،الكنيسة بها أناس عاديون جدا،أعرف بعضًا منهم وتربطني بهم صداقات عميقة،ولي بينهم ذكريات جميلة،لكنهم عندما يدخلون الكنيسة يصبحون أشباح لا أعلم سوي الخوف منها،من المسئول عن صناعة تلك الأشباح؟،وهل يفرض الدين المسيحي أن تكون الكنيسة سرداب عميق أو كهف مظلم،سر الأسرار ومنبع الاخبار؟.

أما عن تلك الجماعات فعندما يقوم بالوعظ"كل من هب ودب"،فمعذرة ربما قام ...... -تستطيع أن تضع مكان النقاط أي كلمة تراها مناسبة-ودخل علينا المحاضرة وأخبرنا أنه عضو في الجماعة ووعظ بما شاء له عقله بالعظة،وأما عن الكنيسة فقصص الفتيات اللاتي يقال أنهن غيرن دينهن ثم قبضت عليهن الكنيسة وعذبتهن كثيرة وأنا شخصيًا يمكنني تصديقها،فالمرء عدو ما يجهل،وأنا أسمع حكايات مثيرة تلعب بخيالي،وأنا أدَّعي أني مثقفة فما بالنا بمواطن عادي،يعود من عمله منهك كي ينام فلا يستطيع من إزعاج أولاده،فيهبط إلي المقهي ثائر كبالون منتفخ ينتظر إبرة صغيرة كي ينفجر،والواقع يقول لست أنا،إنه ينفجر بالفعل.

بلد يعظُ فيه"كل من هب ودب"في دين،وتعيش في نفس البلد طائفة أخري منغلقة علي ذاتها،بأمر الكنيسة التي يصفها المثقفون لست أنا،بأنها دولة داخل الدولة،ماذا ننتظر من هذا البلد؟

أقول:إن لسان حال كل مواطن يسير علي أرض مصر-إلا قليلا-هيا بنا نتطرف،نفعل ما يحلو لنا،أو يهديء غيظنا الذي يكون لعدة أسباب ليس مصدرها بالضرورة الخوف علي الدين فقط،لسان حالنا يقول:التطرف حق لكل مواطن،وعندما يمارس المواطن حقه في التطرف يلام علي هذا،لماذا نلام علي التطرف في بلد كل شيء فيه يدعو للتطرف؟

منشور في جريدة منبر التحرير

العدد 14

تاريخ 18 أكتوبر 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق