

لكن الجديد في الأمر هو:قصر الشوق مطعمًا،والسكرية شارعًا،وبين القصرين علي ما أذكر عصارة أو محل بقالة.
هذا فقط ما فعلناه نحن ورثة نجيب محفوظ المصريين بأدبه ،فقط وضعنا اسم كتاباته علي محال للأكل أو الشرب أو الشوارع،مَن مِن رواد هذه المطاعم أو العصارات أو ساكني هذه الشوارع يعرف نجيب محفوظ ويعرف ما وراء اسم هذا المطعم أو تلك العصارة أو حتي هذا الشارع.
في مكالمة مع أحد الزملاء-مدرس لغة عربية في بلد ريفي جدا-كان يحكي لي بحزن عن زميل له في نفس المدرس-مدرس علوم-أخبر الطلبة أن نجيب محفوظ هو رجل كافر وقد كتب رواية بعنوان"موت الإله"وعندما ثار ضده العلماء غيرها إلي"أولاد حارتنا"،وأعلن للطلبة أنه يحرم عليهم قراءة أو الاقتراب من هذا الرجل الفاحش لأن يكتب ما هو ضد الدين وضد الذوق العام ويحضرني أنا شخصيًا مقولة حفظتها له يقول:"أنظر وتملَّ كل شيء وانتقل من مكان إلي مكان،ففي كل ركن سعادة منسية يجب أن تذكر"( نجيب محفوظ،الفجر الكاذب)،هذا الرجل الذي يوشي بين طيات أدبه الرائع بجمل عظيمة يذكرها التاريخ والأجيال المتعاقية يقال عنه هذا الكلام،وفي المدرسة وعلي لسان مدرس العلوم الذي لم يقرأ ولا كلمة واحدة لنجيب محفوظ،واستطيع أنا تخيل باقي المشهد الذي لم يذكره زميلي مدرس اللغة العربية،فأثناء حصته أخبرني أنه يشرح للطلبة في الإعدادية درس"الجمالية"ويحدثهم عن نجيب محفوظ،أستطيع تخيل وجوه التلاميذ ونظراتهم لزميلي الذي أصبح بالطبع من وجهة نظرهم،من أولئك-الملاحيد-الذين يقرأون لهذا الكافر المشوه لصورة الإسلام،وبعد انتهاء المكالمة بسويعات خرجت وتمشيت بصحبة صديقة لي،وكالعادة فأنا مدمنة"سخرية"علي أسماء اللافتات في الشوارع،لن أذكر لكم فخر ذلك المرشح المبجل باسم"جعلوص"علي لافتة كبيرة تخترق منتصف الطريق،فعلي أحد المطاعم المشهورة في سوهاج،تضاء يافطة المحل بأنور مبهجة وباسم إحدي روايات الأديب الكبير"نجيب محفوظ"قصر الشوق،وبعده بمسافة قصيرة هناك عصارة باسم"بين القصرين"،قلت لصديقتي:هذا هو أدب نجيب محفوظ،مجرد أسماء علي يفط المطاعم والمحلات والعصارات،وفي المدرسة هو صورة من صورة الكفر،نربي أبنائنا علي الابتعاد عنها والتنصل منها،واحتقارها.

لك الله يا نجيب محفوظ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق